رَّسُولًۭا يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ مُبَيِّنَٰتٍۢ لِّيُخْرِجَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ ۚ وَمَن يُؤْمِنۢ بِٱللَّهِ وَيَعْمَلْ صَٰلِحًۭا يُدْخِلْهُ جَنَّٰتٍۢ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًۭا ۖ قَدْ أَحْسَنَ ٱللَّهُ لَهُۥ رِزْقًا
﴿١١﴾سورة الطلاق تفسير القرطبي
قَالَ الزَّجَّاج : إِنْزَال الذِّكْر دَلِيل عَلَى إِضْمَار أَرْسَلَ ; أَيْ أَنْزَلَ إِلَيْكُمْ قُرْآنًا وَأَرْسَلَ رَسُولًا . وَقِيلَ : إِنَّ الْمَعْنَى قَدْ أَنْزَلَ اللَّه إِلَيْكُمْ صَاحِب ذِكْر رَسُولًا ; ف " رَسُولًا " نَعْت لِلذِّكْرِ عَلَى تَقْدِير حَذْف الْمُضَاف . وَقِيلَ : إِنَّ رَسُولًا مَعْمُول لِلذِّكْرِ لِأَنَّهُ مَصْدَر ; وَالتَّقْدِير : قَدْ أَنْزَلَ اللَّه إِلَيْكُمْ أَنْ ذِكْر رَسُولًا . وَيَكُون ذِكْره الرَّسُول قَوْله : " مُحَمَّد رَسُول اللَّه " [ الْفَتْح : 29 ] . وَيَجُوز أَنْ يَكُون " رَسُولًا " بَدَل مِنْ ذِكْر , عَلَى أَنْ يَكُون " رَسُولًا " بِمَعْنَى رِسَالَة , أَوْ عَلَى أَنْ يَكُون عَلَى بَابه وَيَكُون مَحْمُولًا عَلَى الْمَعْنَى , كَأَنَّهُ قَالَ : قَدْ أَظْهَرَ اللَّه لَكُمْ ذِكْرًا رَسُولًا , فَيَكُون مِنْ بَاب بَدَل الشَّيْء مِنْ الشَّيْء وَهُوَ هُوَ . وَيَجُوز أَنْ يَنْتَصِب " رَسُولًا " عَلَى الْإِغْرَاء كَأَنَّهُ قَالَ : اِتَّبِعُوا رَسُولًا . وَقِيلَ : الذِّكْر هُنَا الشَّرَف , نَحْو قَوْله تَعَالَى : " لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْركُمْ " [ الْأَنْبِيَاء : 10 ] , وَقَوْله تَعَالَى : " وَإِنَّهُ لَذِكْر لَك وَلِقَوْمِك " [ الزُّخْرُف : 44 ] , ثُمَّ بَيَّنَ هَذَا الشَّرَف , فَقَالَ : " رَسُولًا " . وَالْأَكْثَر عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِالرَّسُولِ هُنَا مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ الْكَلْبِيّ : هُوَ جِبْرِيل , فَيَكُونَانِ جَمِيعًا مُنَزَّلَيْنِ .
نَعْت لِرَسُولٍ . و " آيَات اللَّه " الْقُرْآن .
قِرَاءَة الْعَامَّة بِفَتْحِ الْيَاء ; أَيْ بَيَّنَهَا اللَّه . وَقَرَأَ اِبْن عَامِر وَحَفْص وَحَمْزَة وَالْكِسَائِيّ بِكَسْرِهَا , أَيْ يُبَيِّن لَكُمْ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَام . وَالْأَوْلَى قِرَاءَة اِبْن عَبَّاس وَاخْتِيَار أَبِي عُبَيْد وَأَبِي حَاتِم , لِقَوْلِهِ تَعَالَى : " قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ الْآيَات " [ الْحَدِيد : 17 ] .
أَيْ مَنْ سَبَقَ لَهُ ذَلِكَ فِي عِلْم اللَّه .
أَيْ مِنْ الْكُفْر .
الْهُدَى وَالْإِيمَان . قَالَ اِبْن عَبَّاس : نَزَلَتْ فِي مُؤْمِنِي أَهْل الْكِتَاب . وَأَضَافَ الْإِخْرَاج إِلَى الرَّسُول لِأَنَّ الْإِيمَان يَحْصُل مِنْهُ بِطَاعَتِهِ .
قَرَأَ نَافِع وَابْن عَامِر بِالنُّونِ , وَالْبَاقُونَ بِالْيَاءِ .
أَيْ وَسَّعَ اللَّه لَهُ فِي الْجَنَّات .